عمود السحاب

الخميس, 18.01.18, 20:00

الأحد, 07.10.18

:

سفيتلانا رينجولد

* تذكرة دخول بسعر خاص بقيمة 20 شيكل فقط خلال جميع أيام الأسبوع يسري العرض من 21.1.18 - 07.10.18

مُتاح

لمعلومات إضافية:

04-9127090

شارك

عمود السحاب

 

حضارات عديدة كانت تتصور أن الآلهة تقيم في الغيوم، وارتبطت بظاهرة الغيوم الطبيعية الحاضرة يومياً في حياة البشر أساطير حول ما لا تراه عيون البشر وحول ما هو خارج عن سيطرتهم. فالغيوم تظهر في كل مكان، الآن وهنا، وتتيح لساكن المدينة أن يتصل بالطبيعة. ولأنها تتغير بلا انقطاع، فإنها تتملص من التعريف وتخادع مفهومنا للوقت. وفي الفن ترمز الغيوم إلى الأماكن الجليلة السامية وإلى ما ظل محجوباً عن اعين المُشاهِد. وفي الأعمال الفنية يكتسب الغيم دلالة توراتية من حيث ارتباطه بعبارة "عمود السحاب" وتجلي الرب أمام بني إسرائيل. 

ظهرت الغيوم في لوحات صغيرة الحجم من إبداع هيرمان شتروك في بداية الثلاثينات – لوحات تصف السماء فوق مرتفع الكرمل. وتعاطى شتروك في جميع رسومات الغيوم مع عبارة "السامي" كما انعكست في الفن الرومانسي وقبل الرومانسي في أواخر القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر. فالسامي كان مرتبطاً بالمفاهيم الدينية والتأمل الداخلي والتعامل مع الطبيعة. وخلافاً لتجربة "الجميل" العقلانية فإن "السامي" شاذ بقوته ويسعى إلى لذة موجودة في امتداد لا نهاية له ولا حدود لحجمه ونوعيته. ووفقاً لفكرة الفيلسوف الألماني عمانوئيل كانت فإن السامي هو الابتعاد اللا نهائي عن مثالية التناغم بين قوانين الطبيعة وقوانين البشر. والوقوف أمام القوى الخارقة إزاء خطورة الاندثار بداخلها هو العنصر المؤسس لمفهوم "السامي".

ويرد في الرومانسية وصف لتجربة السامي المُستشعرة إزاء قوى الطبيعة الخفية التي تهدد سلامة واستقلالية الإنسان. وقد تضعضعت مكانة السامي بفعل تطويع الطبيعة والاتجار بها في العصر الحديث ودمجها في جهاز الاستهلاك العالمي في عصر ما بعد الحداثة. وهكذا تزعزعت جدلية الذات المستقلة الماثلة أمام "الآخر" المتعالي. وقد تناول الفيلسوف الأمريكي فردريك جيمسون عودة الجدلية الواقعة في صلب تجربة السامي حين بدأت "الشبكة العالمية الجديدة والمتناثرة" – شبكة الحواسيب والاعلام والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية المتنفذة الجبارة – بدأت تحتل مكان الطبيعة في حين وقفت الذات أمامها مشدوهة ومُهدَدة. 

وعاد الرسم ما بعد الحداثي إلى المواضيع "السامية"، لكنه يضفي عليها طبيعة الفظاعة- بحر الغرق، غور الهاوية، حقل النار وغيرها. فالطبيعة ترتسم كحنين غرائبي إلى شيء مفقود أكثر منها كرغبة للدخول والتعرف. فرسّام "السامي الجديد" يظل في مرسمه ويرسم مفهوماً مصطلحاً للطبيعة، طبيعة مستوعبة في الوعي و"اجتماعية". وفي هذا السياق فإن هذا المعرض يتأمل في الغيوم من خلال ارتباطها بالنقاش الحالي حول مسألة السامي. ويتم النظر في تحويل السامي إلى آني عبر ثلاثة أطياف يُكثر فيها فنّانو العصر من استخدامها في مسألة الغيوم: الفصل الأول يتناول الغيم المثالي كذكرى للرسم الرومانسي في عصر ما بعد الحداثة. والفصل الثاني يتمحور في الغيم الصناعي بصفته أبرز علامة للعلاقة بين الطبيعة وبين هيمنة التكنولوجيا على حياتنا. والفصل الثالث يقدم سحاب الدخان المرتبط في كثير من الأحيان بدخان الاحتلال والقنابل.  

تبدو أعمال الفنانين المعاصرين على هيئة رد مرير ومكفهر على مثالية الغيوم لدى الرسامين الرومانسيين. فعمود الدخان المتصاعد الذي يذكرنا بعمود السحاب التوراتي يتحول إلى شعار يرمز إلى الكارثة الحالية. السحاب المعاصر يلغي المسافة بين الناظر والمنظور وبين الطبيعة والإنسان، ويُبرز الفضاء الفوقي المملوء بالفراغ المكدس والسطحية، حيث لم يتبق شيء من المسافة التي كانت تتيح سابقاً فهم واستيعاب وجهة النظر والحجم. أضحت الطبيعة في عداد الغائبة. وكما يصف ذلك باحث الفنون جدعون عفرات: "في بداية القرن الواحد والعشرين لم تعد الطبيعة هي الرسالة، وباتت الهاوية هي الرسالة".

لشراء التذاكر ومزيد من المعلومات يرجى ترك التفاصيل الخاصة بك