قطران وحليب

الخميس, 11.07.19, 20:00

الجمعة, 24.01.20

:

سفيتلانا رينجولد

مُتاح

لمعلومات إضافية:

04-6030800

شارك

لقد صقل الفن المحلي، الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء عبر الأجيال نظرته تجاه مشهد الوطن، وهي نظرة تنطوي تقليدياً على بذور غصّة وقلق – سواء على الصعيد الشخصي- الوجودي أو على الصعيد التاريخي والجغرافي السياسي. لكن الخطاب الفني المحلي لم ينشغل كثيراً بالجوانب الجندرية المتصلة بهذه المسألة. وكذلك الخطاب الفني الإسرائيلي والفلسطيني سويا يخلوان غالباً من التفريق بين النظرة الرجولية وبين النظرة النسائية في تعامله مع هذه المسألة المُثقلة. يسعى هذا المعرض إلى تناول هذه القضية المعقدة، والتي لا يتم التعامل معها عادة.

ففي هذا السياق لا بد لنا من الالتفات إلى ما قاله الباحث و.جي. تي ميتشل في كتابه "منظر مقدس"، حيث يقول ميتشل إن مصطلح "منظر الوطن" [...] "يشجع استحضار تصويرات متخيلة لجنة عدن، أرض الحليب والعسل [...] أرض ليست عذراء عُرفت تقليدياً بكونها أرياف مدينة القدس المقدسة [...] إنه ذلك المنظر البريء الساذج، هذا المكان غير المؤذ والذي لم يعرف العُنف من قبل". ويشرح ميتشل كيف ينطوي مفهوم المنظر على شبكة من الدلالات الخفية في سياقات أسطورية وفكرية. فمشاهد المنظر تخفي في ثناياها أنواع مختلفة من ممارسة القوة المرتبطة بالإمبريالية والاستعمار ورياح التقدم المرتبطة باستغلال موارد الطبيعة. وعلى حد زعمه فإن مشاهد المنظر الطبيعي هي نتاج رؤية شاملة تعتبر الرجل الأبيض الغربي بصفته مشاهداً عالمياً موضوعياً ووحيداً، بخلاف الفلاحين من السكان "الأصليين" أو النساء.

أما باحثة الجغرافيا دورين مسييه فتقول إن محيط الوطن مُشفر في الأذهان بصفته "نسوي"، وطن أمومي أو مكان للعشاق، وذلك امتداداً لثقافة تقليدية رجولية تمنح الأفضلية للأفكار المتصلبة بشأن هوية وأمن المكان. كذلك الباحث أنطون كيس يقول عن المرأة هي تجسيد للأمن والديمومة، لهذا فإنها تُعرِّف الوطن كوصف تمثيلي لوهم رجولي بشأن الانتماء المرتبط بشخصية الأم. أما الكانزة الفنية والباحثة تال بن تسفي تقول إن النساء مطالبات بتحمل "عبء التمثيل"، ذلك بصفتهن حاملات رمزية للهوية والكرامة الجماعية. شخصية المرأة، التي غالباً ما تأتي على هيئة أم، ترمز في ثقافات كثيرة إلى روح الجماعة بصفتها شخصية أمثولة استعارية وليست ذات تابعة. فالجهاز الثقافي القومي الرجولي يعتبر المرأة أسطورة ورمز.

المعارض الثلاثة المشمولة في مجموعة "قطران وحليب" تتأمل المسألة الجندرية التي تنطوي عليها أمثولات الوطن في الفن المحلي. معرض "الغائبة الحاضرة" يتأمل موضوع الوطن في أعمال الفنانات الفلسطينيات المعاصرات. من خلال موضوع الوطن تنظر تلك الفنانات بمكانتهن وهويتهن كأقلية مزدوجة، لكوْنهن نساء فلسطينيات ترعرعن في مجتمعات أبوية، لكن يمارسن عملهن وسط الأغلبية اليهودية في بيئة غربية في إسرائيل. تتعامل الفنانات مع مسائل الاستعمار، أدوار جنادرية وحدود بين الثقافات. فالفن يتيح لهن التأمل والبحث في هويتهن المركبة وخلق طريق للتغيير الاجتماعي.

معرض "ذاكرات مختلفة: من مجموعة المقتنيات الجديدة لمجموعة المتحف" يركز على الفن الشبابي في إسرائيل ويطمح إلى التفريق بين التأمل الرجولي والتأمل النسائي في مناظر "الأرض المقدسة". فالوطن يبدو كنسيج مُندب ومتعدد الطبقات، مثله كمثل جنة عدن "منهوبة" بفعل المحتلين الاستعماريين. ومن داخل هذا السياق يمكننا مراجعة التأمل النسوي على نماذج ثقافية وفكرية وعلى الطريقة التي يقدم فيها هذا التأمل تعبيراً حوارياً دون تمويه أو تجميل الواقع المنزع.   

إلى جانب ذلك فإن معرض "هرمان شطروك: وطن غريب" يعكس مفهوم الوطن بمنظور شطروك المُستلهم من أمثولات مشهد الوطنية الرومانسية الألمانية. يختبر هذا المعرض أعمال الفنان من خلال مصطلح "هايمات" (Heimat – وطن باللغة الألمانية). هذا المصطلح الذي تبلور في ألمانيا عند بدايات القرن العشرين ارتبط بالمشاهد الريفية للقرية وارتبط بأفكار "البراءة والمبادئ البسيطة" المرتبطة بروح المجتمع والأمة. في تصويرات القرية نجد أن نظرة شطروك تمزج علامات الخصوبة إلى جانب علامات العدم. يتيح هذا المعرض التعرف على محاولة شطروك صياغة فكرة اليهودية من خلال مصطلحات الحيِّز الثقافي الألماني- وهو الحيِّز الذي سيقوم مستقبلاً بلفظ اليهودية من داخله لدرجة القضاء عليها تقريباً.

لشراء التذاكر ومزيد من المعلومات يرجى ترك التفاصيل الخاصة بك