وطن غريب

الخميس, 11.07.19, 20:00

الجمعة, 24.01.20

:

سفيتلانا رينجولد

مُتاح

لمعلومات إضافية:

04-6030800

شارك

هرمان شطروك من مواليد برلين عاش وتأصل في العاصمة. دَرَس في أكاديمية الفنون في برلين وكان عضواً في رابطة الفنانين في مدينة برلين. حتى بعد أن غادر ألمانيا في عام 1922 واستقر في حيفا، فقد ظل متمسكاً بورشة الرسم التي يملكها في حي هانزا في برلين. اعتاد حتى عام 1933 زيارة ألمانيا باستمرار، وخاصة في موسم الصيف. في تلك الأيام تحولت العاصمة الألمانية إلى مدينة عصرية تعج بالحركة والتجديدات. وبالتزامن مع ذلك في الفترة ذاتها ارتفع شأن الأفكار والمثاليات الريفية على الرغم من التراجع الاقتصادي في مناطق الأرياف. قد عايش الفنان تلك النزعة وخلال فترة مكوثه في برلين قد انشغل شطروك كثيراً في مشاهد المناظر الطبيعية للأرياف الألمانية، هذه الأعمال يرتكز عليها هذا المعرض. 

يربط الباحث جدعون عوفرات تصويرات شطروك للمناظر الريفية الألمانية مع المفهوم الذي مثل مفهوم إضفاء المثالية على حياة الأرياف ونبذ الصبغة الصناعية التكنولوجية للمدينة لصالح تمثيل واقعي للتناغم بين الفلاحين وأرضهم. ولعل مصطلح "هايمات" (Heimat – وطن باللغة الألمانية) يساعد في تحليل تعامل شطروك المتحفظ مع العصرنة. يبدو أن شطروك كان شريك فعلاً لفكرة الـ "هايمات" كرد فعل على العصرنة والحداثة السريعة لألمانية وكرد على المخاوف الثقافية التي صاحبت تلك الحداثة. يدل هذا المصطلح على محاولة بلورة رؤية لعالم أكثر أماناً واستقراراً وفيه متسع واضح لاحتواء الجميع وفيه يمكن العثور على بيت.  

إضفاء المثالية على القرية يدل بوضوح على صلة شطروك بالرومانسية الألمانية. فالقرية لدى شطروك ترتسم وكأنها "جنة عدن غير ممسوسة" تبقت فيها متخيلات القرن التاسع عشر في كل ما يتعلق بالمنظر الطبيعي المثالي والرومانسي. ويعتقد الباحث عوفرات ان اتصال شطروك بالرومانسية الألمانية قد حدث بفضل انهماكه في النقوش والمطبوعات الحجرية لمناظر على غرار الـ "زسسيون" البرليني (حركة الانفصال الفنية) – وهي رابطة عملت على تنظيم معارض للفن التجديدي. بعد التقاء شطروك بالفنان ماكس ليبرمان، مؤسس الحركة ورئيسها، قد بدأ يعرض أعماله في معارضها منذ عام 1901. يعتبر ليبرمان من أنصار تيار الرومانسية الجديدة وعاشر حركة هاغ الطبيعية- القروية. عن طريق ليبرمان تعرف شطروك إلى يوسف يسرائيلس، الذي كان من قادة تيار أوصاف الأسلوب الهولندي في هاغ وأصبح من تلاميذه. لقاء شطروك مع يسرائيلس أدخل إلى أعماله مفهوم المنظر الطبيعي المسطح المشبع بالسماويات.

من الصعب عدم التوقف عند رومانسية شطروك المُلطَّفة، حيث إلى جانب ما فيها من ميل إلى الطبيعة تبدو فيها معالم لجم وترويض الطبيعة. كان شطروك منهمكاً في دمج البيوت والأشجار في أعماله، وذلك كتعبير عن تمازج الثقافة مع الطبيعة. هذه فكرة مغروسة فيما اكتشفه فنانون من جيله بأن عالم الطبيعة قد يكون مورداً وملاذاً إزاء عمليات التمدّن والتصنيع. يمكننا اعتبار المناظر الريفية الأولى لشطروك دليلاً على تأملاته في مستقبل الشعب اليهودي في ظل التغييرات السريعة التي جلبتها الحداثة. أي طرف هو يؤيد- هل يؤيد أولئك الذين آمنوا بألمانية اليهود وانغماسهم في الثقافة الألمانية؟ أم يؤيد أولئك الذي كانوا على قناعة بأن الشعب اليهودي لن يعيش بحرية إلا في أرض إسرائيل؟ أي هو الوطن اليهودي؟

البحث عن المثالية الريفية واضح في أعمال شطروك حتى بعد وصوله إلى أرض إسرائيل. يمكن تمييز موقفه المتحفظ من الحداثة من خلال انجذابه لشخصية العربي، التي تمثل الشرق المثالي الذي توقف فيه الزمن. كان من المفروض على شطروك تشخيص العربي في العديد من أعماله التي تم إنتاجها في إسرائيل. نظرته الاستشراقية إلى العديد من نماذج "الأصليين"، رجالًا ونساءً على حد سواء تظهر في رسالته عام 1926: "يتجول هنا [...] عرب معتزون بأنفسهم، بدو وحشيون من الصحراء، مع الحمير وقوافل الجمال، إلى جانبهم زوجاتهم، وجوههن موشومة منتصبات القامة بفخر- خط مميز لبنات الشرق".

لشراء التذاكر ومزيد من المعلومات يرجى ترك التفاصيل الخاصة بك